فوربس: إسرائيل تدرس ضرب تجارة المخدرات للضغط على الحوثيين
فوربس: إسرائيل تدرس ضرب تجارة المخدرات للضغط على الحوثيين

اليمن -
نشرت مجلة فوربس الأمريكية تقريرًا موسعًا تناول التحركات الإسرائيلية الأخيرة ضد الحوثيين في اليمن، والتركيز المتزايد على تجارة المخدرات، لا سيما الكبتاغون، كوسيلة ضغط اقتصادي.
ووفقًا لعدد من الخبراء، فإن استهداف هذه التجارة لن يكون كافيًا لإخضاع الجماعة الحوثية، رغم إمكانية توسيع تأثير الضربات وتوجيهها نحو منشآت يُشتبه في استخدامها لهذا الغرض.
وأعادت إسرائيل في الآونة الأخيرة شن غارات جوية بعيدة المدى استهدفت موانئ خاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن، في محاولة للضغط اقتصاديًا على الجماعة.
لكن هذه الهجمات، مثل سابقاتها خلال العام الماضي، لم تنجح في ردع الحوثيين عن إطلاق صواريخ باليستية باتجاه إسرائيل، وهو ما دفع أصواتًا داخل الأوساط الإسرائيلية للدعوة إلى تبني استراتيجيات جديدة، مثل استهداف شبكات إنتاج وتهريب المخدرات التابعة للجماعة.
ومنذ الغارة الإسرائيلية الأولى على الحوثيين في يوليو/تموز 2024، والتي جاءت ردًا على هجوم قاتل بطائرة مسيّرة استهدف تل أبيب، واصلت إسرائيل قصف أهداف اقتصادية في مسعى لإجبار الجماعة على التراجع عن هجماتها.
تجارة الكبتاغون في مرمى إسرائيل
في هذا السياق، سلطت صحيفة إسرائيل اليوم العبرية الضوء على تورط الحوثيين في تجارة الكبتاغون، بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة، ملمّحة إلى أن هذه التجارة قد تكون هدفًا عسكريًا محتملاً في المستقبل.
الكبتاغون، المعروف بلقب "كوكايين الفقراء"، هو منشط أمفيتاميني يُهرّب على نطاق واسع في المنطقة، خصوصًا إلى السعودية ودول الخليج، وقد شكّل مصدر الدخل الأساسي لنظام بشار الأسد في سنواته الأخيرة، مما جعل سوريا تُوصَف بـ"دولة مخدرات".
الباحثة كارولين روز، مديرة محفظة العلاقة بين الجريمة والصراع والانسحابات العسكرية في معهد نيولاينز الأمريكي، أكدت في حديثها لفوربس أن تهريب الكبتاغون عبر اليمن يشهد تحولًا، لكن الحجم لا يزال متركزًا أساسًا على الحدود السعودية الأردنية وعبر الموانئ البحرية الإقليمية الكبرى.
وأضافت روز: "من المؤكد أن هناك حافزًا اقتصاديًا يدفع جماعات إجرامية ومسلحة، مثل الحوثيين، لاستغلال الفراغ الجديد في إنتاج الكبتاغون الذي خلّفه النظام السوري، مستفيدين من ارتفاع طفيف في أسعار الحبوب".
لكنها استدركت: "لا أعتقد أن الجهات الفاعلة في اليمن تمتلك البنية التحتية لبناء منشآت إنتاج مماثلة لما رأيناه في دوما والمزة واللاذقية وغيرها من المواقع السورية".
أول دليل إنتاج
وفي يونيو/حزيران الماضي، أعلنت سلطات الحدود اليمنية إحباط محاولة تهريب 1.5 مليون حبة كبتاغون من العاصمة صنعاء، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، باتجاه السعودية. الحدث أعاد تسليط الضوء على تورط الجماعة في تجارة المخدرات.
وفي السياق ذاته، أشار محمد الباشا، من شركة "باشا ريبورت" الاستشارية للمخاطر، ومقرها في ولاية فرجينيا الأمريكية، إلى أن "أول دليل مؤكد" على وجود إنتاج محلي للكبتاغون في اليمن كشف عنه مدير أمن عدن، اللواء مطهر الشعيبي، خلال نفس الشهر.
وقال الباشا إن مصادر استخباراتية حددت منشأة لصناعة الكبتاغون تقع في محافظة المحويت، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، واصفًا إياها بأنها "تشبه مصانع المخدرات التي كُشف عنها سابقًا في سوريا"، مشيرًا إلى أن تشغيل منشأة كهذه "لا يمكن أن يتم دون علم الحوثيين، إن لم يكن بتواطؤهم أو استفادتهم المباشرة منها".
وحثّ الباشا السعودية على تقديم دعم فوري لليمن لمواجهة تصاعد هذا التهديد، محذرًا من أن البلاد باتت ممرًا رئيسيًا للمخدرات المتجهة إلى المملكة.
ورغم تأكيدها أن حجم تجارة الكبتاغون في اليمن لا يزال "ضئيلاً" مقارنة بمناطق التهريب الأخرى، لم تستبعد كارولين روز أن "تضاعف إسرائيل جهودها" إذا ما توافرت أدلة كافية على تورط الحوثيين في الإنتاج أو التهريب، مشيرة إلى أن المقالات الإسرائيلية الأخيرة "تعكس اهتمامًا واستعدادًا أوليًا للتعامل مع هذا الملف كأولوية أمنية".
وتضيف روز: "بعد فشل جهود الولايات المتحدة وإسرائيل في تقليص قدرات الحوثيين خلال العامين الماضيين، من المحتمل أن تصنّف إسرائيل أي منشأة أو أصل حوثي يُشتبه باستخدامه لإنتاج المخدرات أو تهريبها كهدف عسكري مشروع".
مقترح باستهداف القات
سبق أن تناول الإعلام الإسرائيلي، وتحديدًا صحيفة هآرتس، في يناير 2025، خيارًا غير تقليدي تمثل في استهداف محاصيل القات – النبات المنبّه الشائع في اليمن – كوسيلة للضغط الشعبي على الحوثيين.
وأشار الكاتب يوسي ميلمان إلى أن القات "يُستهلك منزليًا بشكل واسع ويمنح شعورًا بالانتعاش"، واقترح أن تدمير محاصيله قد يدفع السكان للضغط على الحوثيين أو إجبار الجماعة على وقف هجماتها مقابل حماية هذه الزراعة التقليدية.
غير أن ميلمان عاد ولفت إلى فشل محاولات مماثلة قامت بها واشنطن في كولومبيا، عندما حاولت تدمير مزارع الكوكا من الجو، ما يثير تساؤلات حول فاعلية هذا الخيار.
في المقابل، حذر محمد الباشا من أن أي محاولة جادة لتدمير إنتاج القات في اليمن قد تأتي بنتائج عكسية. وقال: "من الناحية النظرية، استهداف مزارع القات قد يعرقل جزءًا من الاقتصاد، لكنه لا يزال محصولًا نقديًا أساسيًا يدعم مئات الآلاف من الأسر".
ويرى الباشا أن الإضرار بمحاصيل القات قد يدفع المزيد من الناس إلى أحضان الحوثيين، إما لأسباب اقتصادية بحتة أو بدافع الانتقام من الأطراف التي دمرت مصدر دخلهم.
وأشار إلى أن الحوثيين صمدوا لأكثر من ثماني سنوات أمام حملة جوية شرسة تقودها السعودية، كما نجوا من حملة أمريكية استمرت 51 يومًا مطلع هذا العام، ما يعكس قدرتهم العالية على التكيف والبقاء.
وخلص تقرير فوربس إلى أن استهداف تجارة المخدرات في اليمن، رغم أهميته في كبح جزء من التمويل الحوثي، لا يمكن أن يُعتمد عليه كخطة محورية لإخضاع الجماعة. فالبنية التحتية المحلية، والتشعبات الاقتصادية، والمرونة التي أظهرتها الجماعة، تعني أن الضغوط الاقتصادية وحدها – حتى وإن طالت تجارة الكبتاغون أو زراعة القات – لن تُفضي على الأرجح إلى تغيير حاسم في سلوك الحوثيين.