أخبار إيجاز
بعد إغراق سفينتين في البحر الأحمر.. هل يقود الحوثيون حرب إيران الخفية على الغرب؟
بعد إغراق سفينتين في البحر الأحمر.. هل يقود الحوثيون حرب إيران الخفية على الغرب؟

اليمن -
تصاعدت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خلال اليوميين الماضيين، والتي أسفرت عن إغراق سفينتين "ماجيك سيز" و"إيترنيتي سي" ومقتل أربعة بحارة في هجومين على سفينتين بشكل منفصل قبالة سواحل اليمن.
هذه الهجمات كانت محل نقاش وتحليل في الصحافة الغربية رصدها "يمن شباب نت"، حيث أعتبر تصعيد خطير في أهم خطوط الملاحة الدولية والذي يأتي بالتزامن مع تقدم المحادثات بشأن هدنة ووقف إطلاق النار في قطاع غرة.
وربطت كثير من وسائل الإعلام الغربية هجمات الحوثيين بإيران بشكل مباشر التي تحاول استعادة نفوذها الإقليمي بعد الخسارات التي تكبدتها في الحرب خلال عاميين، كما أن هذه الهجمات قد تُشير إلى استئناف حرب خفية ضد الغرب.
الحوثيون يقاتلون بدلاً عن إيران
قالت صحيفة "نيويورك صن" أن الحوثيين، الذين ما زالوا يقاتلون بالوكالة لدى طهران، يبدوا أنهم يجددون هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر، منتهكين بذلك وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس ترامب في مايو/ أيار.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن الصين الشيوعية تدعم الجماعة الإرهابية. وفق المقال "قد تكون بكين متورطة في تجدد هجمات الحوثيين على سفن الشحن في البحر الأحمر"، ولفتت "قد يكون هذا سبيل الجمهورية الإسلامية لاستعادة نفوذها الإقليمي، وقد يُشير ذلك إلى استئناف حرب خفية ضد الغرب".
وشددت، على أنه لا يُمكن السماح للحوثيين بالعودة إلى حرب الظل دون ثمن، فلقد وصلنا إلى حرب علنية لأنهم لم يشعروا قط بثمن الحرب السرية، كما يقول أحد المحللين. ويمرّ ما يقرب من 20% من تجارة العالم عبر البحر الأحمر، وقد ألحقت هجمات الحوثيين خسائر فادحة بالاقتصاد العالمي.
وقال الباحث بهنام بن طالبلو، في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، لصحيفة "ذا صن": "يحاول الحوثيون سد الفجوة التي خلفتها القدرات العسكرية للجمهورية الإسلامية بتجاوز خط وقف إطلاق النار بحذر".
ويضيف أن طهران والحوثيين "يضعون عبء التصعيد على عاتق أمريكا: "فإذا دافعت الولايات المتحدة عن وقف إطلاق النار الذي ينتهكه الحوثيون، فإن ذلك سيجرّها أكثر إلى المنطقة، لا سيما في وقتٍ يعلم فيه الجميع أن ترامب يسعى إلى وضع حدٍّ لبعض الأمور".
وعقب هجمات 22 يونيو/ حزيران على المواقع النووية الإيرانية، تسعى إدارة ترامب إلى تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط، بدءًا من حرب غزة. وقال مبعوث ترامب ويتكوف "نأمل أن نتوصل بحلول نهاية هذا الأسبوع إلى اتفاق".
ويبدو أن الإدارة الأمريكية مقتنعة أيضًا بأن قاذفات بي-2 وضربات توماهوك في يونيو على فوردو ونطنز وأصفهان في إيران ستمنع أعداء العالم من مهاجمة أمريكا وحلفائها في المنطقة"، وقال وزير الدفاع بيت هيغسيث "عملية مطرقة منتصف الليل أعادت إرساء الردع، لقد عكست ما حدث في أفغانستان".
ويوم الثلاثاء، اتهمت برلين الجيش الصيني الشيوعي باستخدام سفينة في البحر الأحمر لشن هجوم بالليزر على طائرات ألمانية مشاركة في قوة أوروبية مشتركة تعمل على حماية حرية الملاحة هناك.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية في بيان: "إن تعريض الأفراد الألمان للخطر وتعطيل العملية أمر غير مقبول على الإطلاق". واستدعت سفير بكين لدى ألمانيا لتقديم احتجاج على الحادث.
يقول السيد بن طالبلو: "لا يُمكن السماح لهم بالعودة إلى حرب الظل دون تكلفة، لقد وصلنا إلى حرب علنية لأنهم لم يشعروا قط بثمن الحرب السرية، تتمتع الولايات المتحدة وإسرائيل الآن بنفوذ أكبر لفرض التكاليف عليهم".
الشحن العالمي في الخطر مجددًا
وقال الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية، أرسينيو دومينغيز "بعد عدة أشهر من الهدوء، يُشكّل استئناف الهجمات المُشينة في البحر الأحمر انتهاكًا مُتجددًا للقانون الدولي وحرية الملاحة". وأضاف في تصريح أمس الثلاثاء "البحارة الأبرياء والسكان المحليون هم الضحايا الرئيسيون لهذه الهجمات والتلوث الذي تُسببه".
ورأت صحيفة "واشنطن بوست" أن تجدد هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الاحمر يشير إلى اشتعال العنف في صراع آخر مترابط في المنطقة: بين إسرائيل والحوثيين في اليمن.
وأضافت في تقرير لها، بأن ذلك يأتي في خضم المحادثات الحساسة بشأن وقف إطلاق النار المحتمل بين إسرائيل وحماس في غزة، وبينما تدرس إيران استئناف المحادثات النووية.
ويأتي تجدد التقلبات في البحر الأحمر في الوقت الذي أفاد فيه موقع أكسيوس بأن مسؤولين إسرائيليين يعتقدون أن دونالد ترامب سيُجيز عملاً عسكرياً ضد البرنامج النووي الإيراني، ومن المتوقع أن يُثير "نتنياهو" هذه القضية خلال عشاء مغلق مع ترامب، وقد استأنفت طهران عمليات الطرد المركزي في مواقع رئيسية للتخصيب وهو ما أثار قلقاً جديداً في تل أبيب.
وبحسب مقال لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD الأمريكية، يصور زعماء الحوثيين هجماتهم الأخيرة على أنها استمرار للدعم للقضية الفلسطينية، ولكن على الأرجح فإنها تشكل وسيلة لإيران، التي كانت وسائل إعلامها تروج للضربات، لتوجيه ضربات لإسرائيل دون دفع ثمن صراع تقليدي آخر على أراضيها.
وبحسب موقع oilprice المتخصص بشؤون الطاقة، أدت هجمات الحوثيين على السفن مؤخراً إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة 2%، كما ارتفعت بالفعل أقساط التأمين على السفن التي تعبر مضيق باب المندب، حيث أشارت شركات التأمين إلى احتمالية المزيد من الاستثناءات في الأيام المقبلة.
واعتبر موقع gCaptain الأمريكي أن نجاح الحوثيين في إغراق ثلاث سفن تجارية في البحر الأحمر، يُمثل تصعيدًا خطيرًا في الأزمة التي عصفت بالمنطقة منذ أواخر عام 2023.
وفق تقرير للموقع، كانت سفينة "إم في روبيمار" التي ترفع علم بليز أول ضحية مؤكدة، حيث أصيبت بصاروخ مضاد للسفن في 18 فبراير 2024، وغرقت بعد أسبوعين تقريبًا. ومؤخرًا، تعرضت ناقلة البضائع السائبة "توتور" المملوكة لليونان لهجوم في 12 يونيو 2025، مما أدى إلى غرقها في 18 يونيو.
وأدان جون زيلاس، رئيس مجلس إدارة إنتركارغو، بشدة هجوم يوم الأحد قائلاً: "البحارة ليسوا أهدافًا، نشعر بصدمة بالغة إزاء الهجوم على سفينة ماجيك سيز، ونتضامن مع الطاقم هؤلاء أناس أبرياء، يؤدون عملهم بكل بساطة، ويحافظون على حركة التجارة العالمية، لا ينبغي لأحد في البحر أن يواجه مثل هذا العنف أبدًا".
إستهتار الحوثيين
وقالت مجلة "لويد ليست البريطانية" إنه مع مقتل بحارَين على الأقل هذه المرة جراء هجمات الحوثيين، فإن هذه الحوادث تسلط الضوء مجددًا على استهتار الحوثيين الصارخ بحياة البشر، إذ يواصلون استغلال البحارة كبيادق في صراعاتهم الاستراتيجية.
ووفق تقرير للمجلة، أثار الهجومين الحوثيين على سفينتين مرتبطتين بشكل واضح بمواني إسرائيلية مؤخرا، تساؤلات حول مستوى العناية الواجبة التي يتم بذلها في تقييم المخاطر للشحن البحري الذي يدخل المناطق عالية الخطورة.
وقد أدى الهجوم الحوثي المميت على سفينة الشحن "إيترنيتي سي" التي تديرها اليونان ( IMO: 9588249) إلى إعادة معايرة سريعة لتقييمات المخاطر للسفن التي تمر عبر البحر الأحمر.
لكن العديد من المحللين الأمنيين الذين اتصلت بهم" لويدز ليست" تساءلوا عما إذا كان أصحاب السفن وشركات الأمن الخاصة، التي عاد العديد منها مؤخرا إلى البحر الأحمر بعد فترة من الهدوء النسبي، ربما قللوا من تقدير المخاطر المحتملة لمثل هذه العبور.
وقالت إيلي شفيق، من شركة إدارة المخاطر البحرية فانغارد: "إن هذا الحادث المأساوي يؤكد مرة أخرى على الحاجة المستمرة إلى العناية الواجبة المستمرة وتقييم المخاطر القوية".
وفق المجلة، ربما أدت فترة الهدوء النسبي الأخيرة إلى تراجع الشعور بالإلحاح لدى قطاعات من القطاع لإجراء عمليات التحقق من انتماءات الملكية. ومع ذلك، فإن توقف نشاط الحوثيين لا يشير بالضرورة إلى تغيير في النوايا الأساسية، كما أضافت شفيق.
ونصحت هيئات الصناعة وشركات الأمن باستمرار المشغلين بإجراء تقييمات شاملة للمخاطر الأمنية قبل اتخاذ قرار العبور عبر المناطق ذات التهديدات المعروفة. وظلت الإرشادات القياسية دون تغيير، على الرغم من الهدوء الأخير في الهجمات.
ورغم أن حركة المرور في البحر الأحمر لم تشهد زيادة كبيرة، فإن العديد من المالكين والمشغلين الرئيسيين الذين غيروا مسارهم لتجنب البحر الأحمر وخطر أن يصبحوا هدفاً لعدوان الحوثيين بدأوا مؤخراً في العودة إلى هذا المسار.
وقد انتعشت حركة عبور السفن التابعة لليونان بشكل ملحوظ خلال الأشهر القليلة الماضية بعد فترة بطيئة نسبيا، والتي حفزتها سلسلة من الهجمات الحوثية التي استهدفت السفن المرتبطة باليونان.