مليشيات الحوثي ونقض الاتفاق مع واشنطن: انكشاف التبعية وتهاوي السرديات
مليشيات الحوثي ونقض الاتفاق مع واشنطن: انكشاف التبعية وتهاوي السرديات

اليمن -
في خطوة متوقعة ومنسجمة مع سياق ارتباطها العقائدي والسياسي بطهران، أعلنت مليشيات الحوثي قبيل الضربة الأمريكية لمنشآت إيران النووية، نقضها لاتفاق وقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة، المبرم منذ مطلع مايو الماضي، دفاعًا عن إيران.
بعد ساعات عن إعلان الحوثي عن اعتزامها استئناف هجماتها على البوارج الأمريكية وسفنها في البحر الأحمر في حال شاركت واشنطن في الهجمات على إيران، شنت الولايات المتحدة ضربات الجوية على المنشآت النووية الإيرانية الثلاث، "أصفهان وفوردو ونطنز".
وفي الوقت ذاته كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يقوم بخطوات لإنهاء الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي اندلعت في 13 يونيو وانتهت بعد 12 يومًا فقط.
بين الضربات الأمريكية التي نفذتها القاذفات الشبحية، والإعلان عن هدنة بين إسرائيل وإيران، لم تنفذ مليشيات الحوثي أي هجمات ضد سفن أمريكية، ومع نهاية الحرب لا يتوقع أن يواصل خرق الاتفاق مع الولايات المتحدة.
واتفقت الولايات المتحدة مع الحوثي على وقف ضرباتها الجوية ضد المواقع الحوثية مقابل وقف الهجمات الحوثية البحرية على السفن الأمريكية، لإنهاء حملة جوية أمريكية ضد الحوثي استمرت أكثر من 50 يوما انتهت في السادس من مايو الماضي."
دلالات الموقف الحوثي
يكشف الموقف الحوثي أن الجماعة لم تتصرف من منطلق استراتيجي يخص اليمن أو حتى فلسطين، بل كانت تتحرك وفق أولويات طهران، في مشهد كرّس تبعية واضحة، وأسقط ما تبقى من خطاب "الاستقلالية".
ففي الوقت الذي كانت فيه إيران تتعرض لقصف إسرائيلي وأمريكي مركز يستهدف منشآتها الحيوية والصاروخية، ويغتال علماءها النوويين وقادة عسكريين واستخباراتيين، كانت أدوات طهران في لبنان والعراق تتراجع، والحشد الشيعي وحزب الله يلوذان بالصمت، بينما خرج الحوثي وحده ليعلن القتال دفاعًا عن النظام الإيراني.
هذا الإعلان الحوثي عن نقض التفاهم مع واشنطن لم يكن مجرد موقف عابر، بل يكشف بوضوح عن طبيعة العلاقة التي تربط الجماعة بطهران، وفق محللين.
وقال الكاتب هشام المسوري، لــ"يمن شباب نت" إن "إعلان الحوثي القتال إلى جانب إيران رغم عزلتها الدولية وسقوط رموزها العسكرية وعلماها النوويين تحت ضربات إسرائيل، يعكس حجم التبعية العقائدية والسياسية للنظام الإيراني".
وأضاف، "فبينما تخلى عن إيران الجميع – حتى الميليشيات الشيعية في العراق ولبنان – كان الحوثي هو الوحيد الذي اختار المغامرة وقرر الدخول في المعركة دفاعًا عن "الآيات" في طهران.
المثير في السياق، أن صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من حزب الله كانت قد نشرت قبل إعلان الحوثي بأيام، أن الجماعة تستعد للمشاركة عسكريًا في حال استهدفت واشنطن إيران.
وهو ما يشير، -وفق مراقبين-، إلى أن صناعة القرار في المليشيا لم تكن محلية بالكامل، بل تتم بتنسيق مباشر مع الحرس الثوري الإيراني وربما قيادة حزب الله، في دلالة على أن القرار الحوثي لم يكن رد فعل، بل ضمن تحرك إيراني منسق ومسبق.
اللافت أن الحوثيين أظهروا خلال الحملة الأميركية السابقة قدرة ميدانية لافتة، لا سيما في إسقاط طائرات أميركية متطورة مقارنة بالأداء الإيراني، وهو ما يُفسّر على أنه انعكاس مباشر للدعم الإيراني عالي التقنية، وربما أكثر من ذلك، بتورط روسي وصيني في دعم قدرات الحوثي الدفاعية.
أحد أهم دلالات هذا التحول، أن الحوثيين – الذين لطالما ربطوا هجماتهم البحرية بشعار "نصرة غزة" – أسقطوا آخر أوراق التوت عن سرديتهم.
فبينما يعادي معظم العالم العربي إيران لدورها التخريبي في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، ويحاول الحوثيون تغليف تحركاتهم بشعارات المقاومة، جاء إعلانهم الواضح بنقض الاتفاق خدمة لطهران، لينسف الخطاب الذي طالما روّجوه عن الاستقلالية والنصرة لفلسطين.
في النهاية، يقدّم هذا الموقف الحوثي دليلاً إضافيًا – وربما حاسمًا – على أن الجماعة لا تملك قرارها، وأن تحركاتها السياسية والعسكرية ليست إلا امتدادًا مباشرا للقرار الإيراني، وهو ما ينسف السرديات والتقارير التي تزعم أن "الحوثي مستقل عن إيران وأن العلاقة بينهما ليست إلا تخادم مصلحة بين الطرفين فقط."