تهريب طائرات مسيرة ومعدات صينية.. ما طبيعة العلاقة بين الحوثيين والصين؟
تهريب طائرات مسيرة ومعدات صينية.. ما طبيعة العلاقة بين الحوثيين والصين؟

اليمن -
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية كشفت تقارير دولية عن توجه جماعة الحوثي نحو استيراد معدات عسكرية متطورة من الصين، بهدف تعزيز قدراتها في مجال الطائرات المسيّرة، بعد أن تعرضت للاستنزاف خلال العامين الماضين.
بالتزامن مع ذلك، تواصل شركات صناعة السيارات الصينية استخدام طريق البحر الأحمر وقناة السويس لشحن مركباتها إلى أوروبا، متجاوزة بذلك المخاوف الأمنية التي دفعت معظم شركات الشحن العالمية إلى تجنب هذا الممر الحيوي منذ بدء هجمات الحوثيين في نوفمبر 2023.
وسلطت الصحف الأمريكية الضوء خلال الأيام الأسبوع الماضي العلاقة التي تربط الصين بميلشيات الحوثي، التي أصبحت تهرب المعدات صينية لتعويض البنية التحتية المدمّرة، في المقابل تتحرك السفن الصينية بلا مخاطر في البحر الأحمر.
معدات صينية للحوثيين
بحسب تقرير نشره موقع «The Maritime Executive» اعترضت قوات الأمن اليمنية في محافظة لحج شحنة من الرافعات الجاهزة (crane hoists) المصنّعة في الصين، كانت في طريقها إلى مناطق سيطرة الحوثيين.
وتُعد هذه المعدات جزءًا من جهود الجماعة لإعادة بناء البنية التحتية العسكرية التي تضررت بفعل الهجمات التي استهدفت موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف، وفي تطور آخر لافت أعلنت قوات مكافحة الإرهاب في عدن عن ضبط خمس حاويات قادمة من الصين في الثاني من أغسطس الجاري كانت تحمل معدات لبناء مصنع للطائرات المسيّر.
وصُنّفت الحاويات أنها تحتوي على قطع غيار سيارات أُفرّغت من سفينة قادمة مباشرةً من الصين، ويشير تحليل المعدات داخل الحاويات إلى أن الطائرات المُسيّرة التي كان من الممكن أن يُصنّعها المصنع، بعد تجميعها، كانت ذات مدى قصير إلى متوسط، وتشير التحليلات إلى أن المصنع كان مخصصًا لإنتاج طائرات قصيرة إلى متوسطة المدى، ما يعكس توجهًا حوثيًا نحو التصنيع المحلي بدعم خارجي.
من بين المعدات المضبوطة، تم العثور على محرك توربيني من نوع Swiwin SW1200Pro، وهو منتج عالي التقنية يُستخدم في الطائرات المسيّرة، ويُصنّع في منطقة التكنولوجيا العالية بمدينة Baoding الصينية. ويُعد هذا النوع من المحركات مناسبًا للطائرات التي تُستخدم في مهام استطلاعية وهجومية محدودة.
دور محوري لإيران
ورغم التوجه نحو الصين، لا تزال إيران تلعب دورًا محوريًا في تزويد الحوثيين بمكونات الصواريخ بعيدة المدى. فقد تم اعتراض سفينة "الشرواة" في يوليو، وكانت تحمل أجزاء من صاروخ "صياد" الإيراني، الذي يبلغ مداه نحو 500 ميل، ويُستخدم في استهداف مواقع استراتيجية خارج اليمن.
ومع تعطل استخدام الموانئ، باتت شبكات التهريب تعتمد على الطرق الداخلية، خصوصًا الطريق الرابط بين عدن وصنعاء مرورًا بتعز. ويُشير التقرير إلى أن هذه الطرق تُستغل من قبل شبكات تهريب مرتبطة بإيران، حيث يتم تجاوز نقاط التفتيش عبر الرشوة أو التنسيق مع عناصر محلية.
وحذر التقرير من أن الحوثيين لن يتمكنوا من تصنيع جميع المعدات داخليًا، ما يضع مسؤولية إضافية على شركات الشحن للتحقق من دقة التصريحات الجمركية ومعلومات المستخدم النهائي، في ظل تزايد استخدام الحاويات التجارية لأغراض عسكرية.
ويرى التقرير أن استمرار الأعمال العدائية ضد أطراف خارجية يُستخدم كوسيلة لتوحيد الصف الداخلي داخل الجماعة الحوثية، رغم وجود اضطرابات داخلية وتحديات سياسية واقتصادية متزايدة.
شركات السيارات الصينية تخترق البحر الأحمر
رغم استمرار الهجمات الحوثية على السفن التجارية، شهد الشهر الماضي عبور ما لا يقل عن 14 سفينة صينية لنقل السيارات عبر البحر الأحمر، وفقًا لتحليل أجرته شركة "لويدز ليست إنتليجنس" البريطانية. ويعكس هذا الرقم استمرارية في الحركة التجارية الصينية، حيث سجل نفس العدد تقريبًا في يونيو.
يفترض محللون في قطاع الشحن أن الحكومة الصينية توصلت إلى تفاهم غير رسمي مع إيران أو جماعة الحوثي لتجنب استهداف سفنها. وقال دانييل ناش، مدير التقييم والتحليلات في شركة "فيسون نوتيكال"، إن "الصين وجدت طريقة للتعامل مع الحوثيين، وقيل لهم إن سفنهم لن تكون مستهدفة".
هذا الاحتمال يثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الصين والحوثيين، وما إذا كانت هناك صفقات سرية تتم عبر طهران، الراعي الرئيسي للجماعة المسلحة في اليمن. وفق تقرير نيويورك تايمز.
مكاسب اقتصادية
المرور عبر البحر الأحمر يوفر من 14 إلى 18 يومًا في الرحلة بين آسيا وأوروبا، مقارنةً بالطريق الأطول حول إفريقيا. هذا الاختصار يقلل من تكاليف الوقود والأطقم، ويوفر مئات الدولارات لكل سيارة، مما يمنح الشركات الصينية ميزة تنافسية أمام نظيراتها اليابانية والكورية والأوروبية.
ورغم فرض الاتحاد الأوروبي تعريفات جمركية على السيارات الكهربائية الصينية، تجاوزت شركات مثل BYD وSAIC Motor هذه العقبة جزئيًا عبر تصدير سيارات هجينة تجمع بين المحركات الكهربائية والبنزين.
في الأشهر الأخيرة، استلمت شركات السيارات الصينية سفنًا ضخمة مصممة خصيصًا لنقل السيارات، تحتوي على 12 طابقًا وتستوعب نحو 5000 مركبة في الرحلة الواحدة، بقيمة إجمالية تتجاوز 100 مليون دولار. هذه السفن، المبنية في أحواض نهر اليانغتسي، تواصل الإبحار عبر البحر الأحمر رغم التهديدات.
في المقابل، ترفض معظم شركات الشحن الأوروبية والآسيوية استخدام هذا الطريق، وتفرض شركات التأمين في لندن أسعارًا مرتفعة لتغطية الرحلات عبر البحر الأحمر، ما يزيد من التكلفة ويحد من قدرة الشركات غير الصينية على المنافسة.
وزارة الخارجية الصينية، في رد مكتوب، لم تذكر السفن بشكل مباشر، لكنها أكدت أن "الصين تلعب دورًا نشطًا في تخفيف التوترات في البحر الأحمر، وستواصل المساهمة في استعادة السلام والهدوء في أقرب وقت".
في 28 يوليو، أعلن الحوثيون استمرار هجماتهم على السفن المرتبطة بإسرائيل أو الموانئ الإسرائيلية. ويُذكر أن الجماعة احتجزت سفينة "جالكسي ليدر" في نوفمبر 2023، واحتفظت بها حتى بعد إطلاق سراح طاقمها في يناير. وقد قصفت القوات الجوية الإسرائيلية السفينة مؤخرًا بعد تقارير عن استخدامها كنقطة رصد بحرية.