"آفاق الأمن الغذائي قاتمة".. تحذيرات أممية من تفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن
"آفاق الأمن الغذائي قاتمة".. تحذيرات أممية من تفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن

اليمن -
كشف تقرير أممي حديث عن استمرار التدهور الحاد في الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن، في ظل الانهيارات المتسارعة لقيمة العملة الوطنية، وارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، وسط تحذيرات من كارثة وشيكة تهدد ملايين السكان بانعدام الأمن الغذائي الحاد.
وذكرت نشرة السوق والتجارة لشهر مايو 2025، الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن الريال اليمني فقد 33% من قيمته مقارنة بمايو 2024، و5% مقارنة بشهر أبريل 2025، مرجعة هذا التدهور إلى تناقص احتياطيات النقد الأجنبي، وتوقف تصدير النفط والغاز منذ أبريل 2022.
وأشارت النشرة التي صدرت الثلاثاء، إلى انخفاض حاد في واردات الغذاء عبر موانئ الحوثيين، مقابل استقرارها النسبي في موانئ الحكومة، وارتفاع واردات الوقود عبر ميناء رأس عيسى، في حين ظلت دون تغيير عبر موانئ عدن. كما سُجل ارتفاع في أسعار الوقود بمناطق الحكومة، مقابل استقرارها في مناطق الحوثيين، ما عزته النشرة إلى تدهور قيمة العملة الوطنية.
وأكدت "الفاو" أن اضطرابات الإمداد وتدهور سعر الصرف يهددان برفع أسعار الوقود في عموم اليمن، ما سينعكس مباشرة على أسعار المواد الغذائية نتيجة ارتفاع تكاليف النقل. كما حذّرت من ضعف القوة الشرائية لدى معظم سكان مناطق الحوثيين، مقابل استمرار ارتفاع الأسعار في مناطق الحكومة.
وأشارت النشرة إلى أن آفاق الأمن الغذائي في اليمن لا تزال "قاتمة"، متوقعة أن تواجه البلاد تحديات جسيمة حتى فبراير 2026، نتيجة الانهيار الاقتصادي وارتفاع أسعار الوقود وتراجع المساعدات الإنسانية.
وفي بيان مشترك صدر الأحد الماضي، حذّرت منظمات الأمم المتحدة الثلاث: "الفاو" و"برنامج الأغذية العالمي" و"اليونيسف"، من أن الوضع الغذائي في المحافظات الخاضعة للحكومة "حرج للغاية"، حيث يعاني ما يقارب نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويكافحون من أجل تأمين وجبتهم التالية.
5.38 مليون يمني مهددون بالجوع جنوباً
وفقاً لأحدث تحديث جزئي للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، فإن نحو 4.95 مليون شخص في المحافظات الجنوبية يواجهون بين مايو وأغسطس 2025 مستويات من انعدام الأمن الغذائي تُصنف في المرحلة الثالثة (أزمة) أو أسوأ، بينهم 1.5 مليون في مرحلة الطوارئ (المرحلة الرابعة).
ومن المتوقع أن يتفاقم الوضع بين سبتمبر 2025 وفبراير 2026، مع توقع دخول 420,000 شخص إضافي مرحلة الأزمة، ليرتفع العدد الإجمالي إلى نحو 5.38 مليون شخص – أي أكثر من نصف سكان المحافظات الجنوبية.
وترجع هذه التدهورات إلى أزمات متراكمة، تشمل انهيار العملة، والصراع المستمر، والظواهر المناخية القاسية، مثل تأخر موسم الزراعة، وزيادة خطر الفيضانات، وانتشار الجراد الصحراوي وأمراض المحاصيل والثروة الحيوانية.
جهود استجابة محدودة أمام تحديات متزايدة
قال سيمون هوليما، نائب مدير برنامج الأغذية العالمي في اليمن، إن "تزايد عدد اليمنيين الذين لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التالية أمر مثير للقلق، في ظل تحديات تمويل غير مسبوقة"، مشددًا على الحاجة إلى دعم فوري ومستدام للأسر الأشد ضعفًا.
من جهته، أكد الدكتور حسين جادين، ممثل "الفاو" في اليمن، أن الزراعة تمثل "مفتاح الحل" لأزمة الغذاء، داعياً إلى دعم عاجل لموسم الزراعة الحالي الذي تأثر سلبًا بسبب تأخر الأمطار، ما يهدد مصادر دخل الأسر الزراعية الهشة أساساً.
أما بيتر هوكينز، ممثل اليونيسف في اليمن، فلفت إلى أن "حوالي 2.4 مليون طفل دون الخامسة و1.5 مليون امرأة حامل ومرضع يعانون من سوء تغذية حاد"، محذراً من تداعيات خطيرة على الصحة والنمو والنجاة.
وتبذل وكالات الأمم المتحدة جهوداً لإعادة توجيه تدخلاتها صوب المناطق الأشد تضرراً، من خلال برامج متكاملة تشمل الأمن الغذائي والتغذية والصحة والمياه والحماية، لكنها تشدد على أن هذه الاستجابة تتطلب دعماً مالياً عاجلاً وضمان استدامة التدخلات للحد من تدهور الوضع.
والخميس الماضي أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن أنه "لا يزال انعدام الأمن الغذائي في اليمن عند مستويات مقلقة"، محذرا من أن "ملايين الناس يعانون من جوع حاد، وقد تظهر بؤر مجاعة في الأشهر المقبلة"، داعيا إلى "التحرك الآن لإنقاذ الأرواح".
يقف اليمن على حافة مجاعة واسعة النطاق، وسط تحذيرات دولية متزايدة من انفجار أزمة الغذاء، خصوصًا في المحافظات الخاضعة للحكومة الشرعية. وفي ظل التراجع الحاد للاقتصاد وتضاؤل المساعدات، تبدو الحاجة ملحة لتدخلات عاجلة ومنسقة، تحول دون انزلاق الملايين نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة.