هل أثرت الغارات الأمريكية على قدرات الحوثيين في اليمن؟.. خطوط الإمداد عبر التهريب ومخازنهم سليمة
هل أثرت الغارات الأمريكية على قدرات الحوثيين في اليمن؟.. خطوط الإمداد عبر التهريب ومخازنهم سليمة

اليمن -
بعد إعلان وقف الغارات الأمريكية على الحوثيين في اليمن، تساءلت الصحافة الأمريكية عن تأثيراتها على القدرات العسكرية، وحذر تقرير أمريكي من أن جماعة الحوثي لا تزال تشكل تهديدا كبيرا، ولفت بأن إيقاف الضربات يخاطر بتمكين نظام متزايد الخطورة يهدد الملاحة الدولية.
وأعلن الرئيس دونالد ترامب بشكل مفاجئ هذا الأسبوع أن الولايات المتحدة، بعد أسابيع من الضربات المكثفة، ستوقف جميع الحملات الجوية على الحوثيين في اليمن، لكن الخبراء حذروا من أن الجماعة المدعومة من إيران لن تقف مكتوفة الأيدي وفق تقرير شبكة فوكس الامريكية.
ووفق تقرير لموقع «Christian science monitor» الأمريكي أنه لا يزال لدى الحوثيين في اليمن الكثير من القتال رغم الاتفاق على وقف الضربات الأمريكية ضدهم مقابل تجنب استهداف الملاحة في البحر الأحمر.
ورغم أن الحملة الأميركية أدت إلى تدهور قدرات الحوثيين، فإن المحللين يصفون النكسة بأنها مؤقتة على الأرجح، قائلين إن خطوط الإمداد العسكرية للحوثيين، والمخزونات تحت الأرض، والرغبة في القتال لا تزال سليمة. وفق الموقع الأمريكي.
وتوصل المتمردون الحوثيون المتحالفون مع إيران في اليمن إلى وقف لإطلاق النار مع الولايات المتحدة بعد أن أدت الضربات الأمريكية إلى إضعاف قدراتهم العسكرية. لكن المحللين يقولون إنهم بدأوا بالفعل في إعادة بناء صفوفهم، مع بقاء خطوط الإمداد ورغبتهم في قتال إسرائيل قائمة.
وبحسب محللين، فإنّ الضربات الأمريكية التي استمرت لأسابيع منذ منتصف مارس/آذار - والتي أفادت التقارير بأنّها كلّفت البنتاغون أكثر من مليار دولار - أضرّت بالقدرة العسكرية للحوثيين.
وقد تمّ التوصل إلى الاتفاق الأمريكي الحوثي في ظلّ ضغوط واشنطن على إيران لوقف دعمها لحليفها اليمني ومواصلة المحادثات غير المباشرة، التي توسطت فيها عُمان أيضًا، للحدّ من برنامجها النووي.
وقالت القيادة المركزية الأميركية في أواخر أبريل/نيسان إنها ضربت أكثر من 800 هدف، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 69% في إطلاق الصواريخ الباليستية الحوثية وانخفاض بنسبة 55% في هجمات الطائرات بدون طيار.
أضرار جسيمة
وتقول ندوى الدوسري، الخبيرة في شؤون اليمن في معهد الشرق الأوسط غير الربحي في واشنطن، إن "الضربات الجوية ألحقت أضرارا جسيمة بقدرات الحوثيين، مما أسفر عن مقتل العديد من القادة الميدانيين والخبراء الرئيسيين في عمليات الصواريخ والطائرات بدون طيار".
وأضافت: "هذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها الجماعة ضغطًا عسكريًا متواصلًا، وهذا الضغط هو ما دفعها إلى قبول وقف إطلاق النار. لكن بالنسبة للحوثيين، يُعدّ وقف إطلاق النار استراحة تكتيكية: أي أنه فرصة لإعادة تنظيم صفوفهم، وإعادة تقييم قدراتهم، وإعادة بناء منشآتهم. .
وتابعت: "لا تزال بنيتهم التحتية للتهريب عبر القرن الأفريقي سليمة، ومع استمرار الدعم من الحرس الثوري الإيراني، فإنهم يعيدون تخزين الأسلحة بالفعل".
وتشير السيدة الدوسري إلى أنه في الأسبوع الماضي فقط، وعلى الرغم من المراقبة الأمريكية والإسرائيلية المكثفة، أبلغ المراقبون المحليون عن وصول أكبر شحنة أسلحة إلى الحوثيين هذا العام، وتم تسليمها عبر سبعة طرق تهريب عبر البحر الأحمر إلى نقاط يسيطر عليها الحوثيون على طول الساحل.
وقالت: "لا يزال خبراء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله موجودين على الأرض، ويساعدون الحوثيين بأنظمة الأسلحة والهجمات العابرة للحدود". وأضافت أن وقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة "ليس استسلامًا، بل مناورة تكتيكية".
خطوط التهريب
نظرة سريعة على نوعية الدعم العسكري الذي يصل إلى الحوثيين، أتيحت في أغسطس آب الماضي، وذلك من خلال ضبط سفينة تجارية في البحر الأحمر تحمل الأسمدة، والتي اعترضتها قوة يمنية مدعومة من الإمارات العربية المتحدة.
وبحسب التقرير، كان مخفيا بين الشحنة مجموعة كبيرة من المعدات الدقيقة، بما في ذلك مئات من هياكل الطائرات وزعانف الصواريخ المدفعية الموجهة بدقة 270 ملم، ومحركات نفاثة صغيرة، وعناصر من خلايا وقود الهيدروجين التي يمكن أن تزيد بشكل كبير من الحمولة وتوسع نطاق الطائرات بدون طيار، وفقا للأدلة المفصلة في تقرير صدر في مارس/آذار عن محققي ميدانيين في مركز أبحاث التسلح في الصراعات.
وخلص التقرير إلى أن نتيجة تلقي مثل هذه المعدات ستكون "تصعيدًا كبيرًا في قدرات الحوثيين"، وهي أول محاولة متطورة من نوعها "من قبل أي جهة فاعلة غير حكومية على مستوى العالم".
وأوضح زعماء الحوثيين أنهم لا يزالون غير راضين عن الحملات الأميركية والإسرائيلية، بل وصوروها بدلاً من ذلك على أنها تعزز مصداقيتهم في الشارع الإقليمي كأعضاء في تحالف "محور المقاومة" الإيراني ضد النفوذ الأميركي والإسرائيلي في المنطقة.
وقال التقرير إنه في حين تعرّضت عناصر رئيسية أخرى في هذا المحور لأضرار جسيمة منذ ذلك الحين على يد إسرائيل.. يواصل الحوثيون القتال. كما خسرت إيران حليفًا إقليميًا رئيسيًا في سوريا بإسقاط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي.
وأعلنت الولايات المتحدة في الرابع من مارس/آذار الماضي الحوثيين، الخاضعين لحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة منذ عام 2015، منظمة إرهابية أجنبية. لكن الاتفاق لا يتضمن أي إشارة إلى إسرائيل، وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أن الاتفاق منفصل عن القتال بين إسرائيل والحوثيين.
وقالت الدكتورة إليزابيث كيندال، الخبيرة في الشؤون اليمنية بجامعة كامبريدج، لبي بي سي: "من الصعب تحديد مدى فعالية [الضربات الجوية الأميركية والإسرائيلية] بشكل عام، لأن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى يبدأ ظهور أي انخفاض في مخزونات الحوثيين وقدراتهم العسكرية".
واختتمت كيندال بالقول: "لا يزال الحوثيون صامدين، وسيتمكنون من مواصلة هجماتهم بفضل مخزوناتهم المخفية تحت الأرض"، مضيفة: "يمكن القول بثقة إن الحرب لن تُحسم بالترهيب العسكري للحوثيين فحسب، بل سيتطلب ذلك نهجًا أوسع وأكثر شمولية".
عُمان شريان أساسي
وبحسب تقرير شبكة فوكس نيوز الأمريكية «foxnews» - "فإن أن عُمان تشكل شريان حياة رئيسي للحوثيين"، لكنها لعبت دور الوسيط في المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، كانت مشاركة بشكل كبير في تأمين وقف إطلاق النار مع الحوثيين.
وحذر تقرير من أن إدارة ترامب يجب أن تظل يقظة ضد التهديدات الأمنية الكبرى التي يشكلها الحوثيون والجهات الفاعلة الدولية التي تدعم الشبكة الإرهابية.
وسلط التقرير، الذي حمل عنوان "التحدي الحوثي: صياغة استراتيجية لهزيمة الجماعة الإرهابية المدعومة من إيران في اليمن"، بقلم آري هيستين لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، الضوء على أن إيران ليست الوحيدة التي ساعدت في تسهيل القدرات العملياتية للحوثيين.
وفي حين دعمت طهران الحوثيين منذ عام 2014 على الأقل - وربما في وقت مبكر من عام 2009 أثناء الحرب في اليمن - من خلال التدريب والأسلحة المتقدمة مثل الصواريخ الباليستية، فقد لعبت عُمان أيضًا دورًا من خلال السماح للجماعة بالعمل من أراضيها بالإضافة إلى عمل السلطنة كطريق تهريب رئيسي للأسلحة الإيرانية.
ووصف جوناثان شانزر، وهو محلل سابق لشؤون تمويل الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية والمدير التنفيذي الحالي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، دور عُمان في المفاوضات بين واشنطن وخصوم الشرق الأوسط بأنه "مثير للسخط".
وقال لشبكة فوكس نيوز "إن اعتبارهم وسطاء مسؤولين بينما هم في الواقع يستضيفون نفس المجموعة التي نحاول تفكيكها، أمر غير منطقي على الإطلاق".
وذكر التقرير أن الأسلحة الإيرانية يتم تهريبها إلى اليمن أيضاً من خلال موانئ أصغر أو برا عبر عُمان. وتشير التقارير أيضًا إلى أن المؤسسات المصرفية والشركات العمانية الخاصة "تخدم اقتصاد الحوثيين وحتى تزود الجماعة بالأسلحة".
وخلص هيستين إلى أنه "يجب بذل المزيد من الجهود لمنع تهريب كميات كبيرة من النقد عبر الحدود بين عُمان واليمن. كما يجب أن تبدأ مسقط بالشعور بضغط المجتمع الدولي لمواجهة هذا التحدي المالي الخطير الذي ظلّ دون رادع لفترة طويلة".
إستراتيجية أوسع
يتناول التقرير الخطوات المتنوعة التي يتعين اتخاذها لتقويض الحوثيين ومواجهتهم بشكل فعال، حيث إن الضربات العسكرية المتكررة التي وجهتها المملكة العربية السعودية أولاً منذ عام 2015، ثم مؤخراً من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، لم تنجح في إضعاف الجماعة الإرهابية بشكل كبير.
تشمل هذه الخطوات استمرار العمل العسكري الجوي، لكن وحده لا يكفي؛ إذ يتطلب الأمر أيضًا استراتيجيات اقتصادية ودبلوماسية وغيرها من استراتيجيات القوة الناعمة لإضعاف الجماعة، وفقًا للتقرير.
وأشار التقرير أيضا إلى أن الحوثيين استغلوا فترات الهدوء السابقة في القتال مع دول مثل السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل لإعادة تنظيم صفوفهم وإعادة بناءها.
وقال هيستين لفوكس نيوز: "إن إجبار الحوثيين على وقف هجماتهم على السفن يُعد إنجازًا مجديا فقط إذا كان جزءًا من استراتيجية أوسع وطويلة الأمد". وأضاف: "مع ذلك، إذا أصبح وقف إطلاق النار في البحر الأحمر محور السياسة الأمريكية تجاه الحوثيين وغايتها، فإنه يُخاطر بتمكين نظام متزايد الخطورة من التصعيد والتهدئة كما يشاء".
وحذر هينشتاين من أنه "بدون اتباع نهج شامل للتعامل مع التهديد الحوثي، فإن الولايات المتحدة وحلفائها قد يواجهون قريبا جماعة إرهابية أكثر خطورة وأفضل تسليحاً".
المصدر: يمن شباب