أخبار إيجاز

منظمة حقوقية: الإعدام الجماعي بحق أبناء تهامة شاهد على انهيار العدالة وجريمة لا تسقط بالتقادم

منظمة حقوقية: الإعدام الجماعي بحق أبناء تهامة شاهد على انهيار العدالة وجريمة لا تسقط بالتقادم

صنعاء-

قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن جريمة الإعدام الجماعي التي شهدتها العاصمة صنعاء في 18 سبتمبر 2021 تمثل واحدة من أبشع الانتهاكات في تاريخ اليمن الحديث، حيث أقدمت سلطات الأمر الواقع على إعدام تسعة مواطنين في ميدان التحرير، بينما كان الضحية العاشر قد قضى تحت التعذيب والإخفاء القسري.

ولفتت المنظمة في بيان بالتزامن مع إلى أن ما جرى لم يكن حكمًا قضائيًا مشروعًا، بل مسرحية دموية استُخدم فيها جسد الضحايا كأداة للترهيب السياسي، وعُرض المشهد على الهواء مباشرة في انتهاك صارخ لكرامة الإنسان وحقه في الحياة.

وأكدت المنظمة أن القضية شابتها خروقات جسيمة في جميع مراحلها، بدءًا من أوامر قبض باطلة واعتقالات تعسفية وإخفاء قسري في أماكن غير رسمية، مرورًا بحرمان الضحايا من حق الدفاع والاستعانة بمحامين، وصولًا إلى تعذيب جسدي ونفسي لانتزاع اعترافات ملفقة، ثم إحالتهم إلى محكمة استثنائية تفتقر إلى الاستقلالية والحياد لتصدر أحكامًا معدة سلفًا، مضيفةً أن هذه المحاكمة برمتها منعدمة الأثر القانوني وتشكل إعدامًا خارج نطاق القانون وجريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، في خرق واضح للدستور اليمني والاتفاقيات الدولية الملزمة لليمن.

وشددت سام على أن مشهد القتل العلني لم يكن مجرد تنفيذ حكم جائر، بل رسالة سياسية انتقامية استهدفت المجتمع بأسره، بهدف تكريس صورة القضاء كأداة للبطش لا للإنصاف، منوهةً إلى أن الأسر دفعت ثمنًا فادحًا، إذ عاشت سنوات من الألم والمعاناة قبل أن تتلقى الصدمة الكبرى بمشهد دموي أُزهقت فيه أرواح أحبائها علنًا، الأمر الذي عمّق من فقدان الثقة بالقضاء وزرع الخوف في النفوس.

ولفتت المنظمة الي ان الضحايا لم يكونوا وحدهم من دفع الثمن، بل أسرهم التي عاشت سنوات من الألم والانتظار، قبل أن تتلقى الصدمة الكبرى بمشهد دموي تُزهق فيه أرواح أحبائها أمام عدسات الكاميرات. أطفال كبروا على ذكرى آبائهم وهم يُقتلون ظلمًا، نساء تُرملن قسرًا، وأمهات شاهدن دماء أبنائهن تُسفك علنًا. هذه المعاناة الإنسانية لم تُصب الأسر وحدها، بل أصابت المجتمع كله، إذ زرعت الخوف في النفوس، وقوّضت ما تبقى من ثقة بالقضاء، وأكدت أن العدالة حين تُختطف تتحول إلى أداة للانتقام لا وسيلة لحماية الحقوق.

وأكدت سام أن هذه الجريمة تكشف الحاجة الملحّة إلى فتح نقاش جاد وواسع حول استقلال السلطة القضائية بوصفها الضمان الأساسي لحقوق المواطنين وحمايتهم من تعسف السلطة وزجهم في صراعات سياسية، إذ إن انهيار القضاء واختطافه يفتح الباب واسعًا أمام الإفلات من العقاب ويجرد المجتمعات من صمام أمانها.

وفي السياق ذاته، اكدت المنظمة علي ضرورة إصلاح المنظومة القانونية الوطنية التي ما تزال مثقلة بنصوص فضفاضة تُستخدم لتشريع الإعدام السياسي وتُفسَّر بما يخدم مصالح القوى المسيطرة على الأرض، مؤكدة أن استمرار هذه النصوص كأداة بيد السلطة والنفوذ يعني تكريس تحويل القانون إلى غطاء للقتل، وهو ما يجعل من المراجعة الجذرية والتنقية الشاملة للمنظومة القانونية أمرًا لا يحتمل التأجيل، بما يعيد للقانون وظيفته الأصلية في حماية الإنسان وصون كرامته وترسيخ مكانة القضاء كحَكَم عادل مستقل.

واعتبرت منظمة سام أن هذه الجريمة تمثل جرس إنذار بشأن خطورة انهيار القضاء واختطافه من قبل السلطة، وهو ما يفتح الباب أمام الإفلات من العقاب ويقوّض الضمانات الأساسية لحماية الحقوق. وأشارت إلى أن الحاجة باتت ماسة لإصلاح جذري وشامل للمنظومة القانونية الوطنية التي ما زالت مثقلة بنصوص فضفاضة تشرعن القتل السياسي وتخدم مصلحة القوى المتحكمة.

وأكدت المنظمة في ختام بيانها أن جريمة 18 سبتمبر ستظل شاهدًا حيًا على مرحلة مظلمة من تاريخ اليمن، وأن دماء الأبرياء التي سُفكت في ميدان التحرير ستبقى ندبة في وجه العدالة، لا يمكن إزالتها إلا بتحقيق المساءلة والإنصاف، وتوثيق هذه الانتهاكات في سجل الذاكرة الوطنية، ومحاسبة مرتكبيها محليًا أو بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى