أخبار إيجاز

الحداد مؤجَّل والولاء أولًا.. الحوثيون يحتفلون بالمولد رغم خسارتهم ثلثي الحكومة

الحداد مؤجَّل والولاء أولًا.. الحوثيون يحتفلون بالمولد رغم خسارتهم ثلثي الحكومة

صنعاء-

وجدت ميليشيا الحوثي نفسها أمام مأزق بعد الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي أودت بحياة رئيس وزرائها وأحد عشر مسؤولاً آخر، ما يعادل ثلثي حكومتها غير المعترف بها دولياً، ورغم أن الخيار الطبيعي كان إعلان الحداد وتأجيل الفعاليات، فإن الجماعة قررت المضي قدماً في الاحتفال بالمولد النبوي، باعتبار المناسبة إعلاناً للولاية وتجديداً للتسليم بسلطة زعيمها وسلالته.

ومع حلول ليلة الذكرى، أظهرت ميليشيا الحوثي مظاهر الفرح والبهجة، حيث أطلقت الألعاب النارية في صنعاء وعدد من مراكز المحافظات، استعداداً للاحتفال الذي يحل غداً، الثاني عشر من ربيع الأول، وهو التاريخ الذي تقول الروايات إنه يوافق ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قبل أكثر من 14 قرناً.

والمولد النبوي بالنسبة للحوثيين ليس مجرد ذكرى دينية، بل محطة مركزية في مشروعهم السياسي والديني، فهم ينظرون إليه كاستفتاء على شرعيتهم ووسيلة لإظهار التماسك الداخلي من خلال الحشود الضخمة، فيما تُربط المشاركة والإنفاق فيه بمدى صدق "محبة النبي"، ويُتهم المعترضون بالعداء للجماعة وبالتالي للدين.

قرار الاحتفال هذا يعكس طبيعة أولويات الحوثيين، إذ يقدمون الولاء لزعيمهم على أي خسارة حتى بمستوى مقتل ثلثي الحكومة، وتبرز المفارقة حين يقارن يمنيون موقف الجماعة هذه المرة بتصرفاتها السابقة، حين أعلنت الحداد على حسن نصر الله وإسماعيل هنية، كما ألغت احتفالات الوحدة اليمنية في 22 مايو 2024، حداداً، على وفاة الرئيس الإيراني، لكنها تجاهلت مقتل أبرز مسؤوليها في صنعاء.

وفي الوقت الذي يعجز فيه ملايين اليمنيين عن توفير لقمة العيش بسبب توقف الرواتب وانهيار الاقتصاد، تخصص الجماعة سنوياً مبالغ مالية طائلة لتمويل احتفالاتها، وتلجأ إلى فرض جبايات قسرية على التجار والمواطنين وسائقي النقل وحتى طلاب المدارس، وتتحول المناسبة إلى بوابة للابتزاز ونشر الأفكار الطائفية، حيث تجبر وزارة التربية والتعليم تحت سيطرتها المدارس على تنظيم أنشطة دعائية لربط "محبة النبي" بالولاء للجماعة و"الاستعداد للجهاد".

ولم يكتف الحوثيون بتسخير عوائد الدولة، بل فرضوا على السكان تزيين المباني والشوارع بالأضواء الخضراء ورفع شعاراتهم، فيما تعرّض بعض المواطنين للاعتداء بسبب رفضهم الدفع أو المشاركة، ويُجبر الناس على حضور الفعاليات، وتُستغل المناسبة لتلقين الأطفال روايات طائفية ومنح جوائز لمن يجيب وفق ما تطرحه الجماعة.

إلى جانب ذلك، يستفز مشهد البذخ في الفعاليات مشاعر كثير من اليمنيين الذين يعيشون في وصع اقتصادي هش، فبينما تُهدر المليارات على الزينة والخطابات والألعاب النارية، تبقى شوارع العاصمة مدمرة، والمدرسون بلا رواتب، والفقراء بلا إغاثة.

وفي النهاية، يظل المولد بالنسبة للجماعة أداة سياسية ومالية وطائفية، أكثر منه مناسبة دينية روحية كما اعتاد اليمنيون عبر تاريخهم، ويبدو إصرار الحوثيين على الاحتفال في هذا التوقيت ليس مجرد تحدٍ للظروف القاسية، بل رسالة سياسية مفادها أن الولاء للزعيم وسلالته يتقدم على أي خسارة أو مأساة، حتى لو بلغت بحجم مقتل ثلثي الحكومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى