مقهى يمني يحل محل "ستاربكس": القهوة اليمنية موقف وهوية ومشروع مزدهر في ديربورن
مقهى يمني يحل محل "ستاربكس": القهوة اليمنية موقف وهوية ومشروع مزدهر في ديربورن

ديربورن
أغلق فرع ستاربكس الشهير في ديربورن الأمريكية أبوابه نهائياً بعد ما يقارب 16 عاماً من العمل، ليحل مكانه مقهى يمني جديد، مما يعكس التحولات الثقافية في المدينة ذات الحضور العربي البارز.
وفي الوقت الذي تشهد المقاهي اليمنية انتشارا كبيرا في الولايات المتحدة، تفرض نفسها بديلاً عن "ستاربكس" القهوة الأميركية الشهيرة والتي تتعرض لخسائر كبيرة جراء المقاطعة احتجاجا على دعم الشركة لإسرائيل، التي تشن حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
ومن المتوقع أن تتولى سلسلة "موكا آند كو" اليمنية، تشغيل الموقع الجديد، بعد توقيع عقد الإيجار خلال الأسابيع المقبلة. وتشير التقديرات إلى أن المقهى سيفتتح أبوابه نهاية عام 2025 أو مطلع 2026، عقب الانتهاء من أعمال التجديد.
وتمتلك الشركة اليمنية عدة فروع في ديترويت ومناطق أمريكية عدة إضافة إلى مواقع خارج ولاية ميشيغان، وهي من ستكون بديلاً عن فرع "ستاربكس" الذي أغلق أبوابه نهائيًا في 24 أغسطس 2025، عند تقاطع شارع ميشيغان أفينيو وأوكمان بوليفارد شرق ديربورن.
ورغم عدم صدور بيان رسمي من "ستاربكس" بشأن هذا الموقع تحديدًا، إلا أن القرار يتماشى مع التغيرات في تفضيلات المستهلكين في ديربورن، حيث تشهد المقاهي اليمنية إقبالًا متزايدًا. وفق موقع عالم القهوة «Qahwaworld» المتخصص بالقهوة.
القهوة اليمنية تفرض حضورها
وأصبحت ديربورن التي تُعد موطناً لإحدى أكبر الجاليات العربية في الولايات المتحدة، مركزاً بارزاً للقهوة اليمنية من خلال مقاهي مثل “هراز كوفي هاوس” و”قهوة هاوس”، التي تميزت بمشروباتها الغنية والمتبلة.
ووفق تقرير الموقع الأمريكي "تتميز المقاهي اليمنية في أمريكا بأجوائها الاجتماعية الممتدة حتى ساعات متأخرة من الليل، إلى جانب تقديم مأكولات تقليدية مثل خبز العسل (بنت الصحن)"، لافتا "هذه المقاهي لا تقتصر على بيع القهوة، بل توفر تجربة متكاملة تجمع بين الطابع الثقافي والاجتماعي، ما جعلها تتفوق على سلاسل عالمية مثل ستاربكس".
المقهى اليمني المرتقب سيقدم قهوة أحادية المصدر من جبال اليمن، بنكهة معقدة وجودة عالية، إلى جانب قائمة مشروبات تجمع بين الأصالة والابتكار، مثل اللاتيه بالفستق المثلج، واللاتيه بالتوابل، والشاي العدني، والماتشا، والمشروبات الباردة المنعشة.
التحول في مقاهي ديربورن لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة عوامل متعددة، من بينها حملات مقاطعة مرتبطة بمواقف سياسية، -وفق الموقع- في إشارة إلى حملة المقاطعة ضد الشركات الإسرائيلية احتجاجا على حرب الإبادة المستمرة في غزة منذ عامين.
ووفق تقرير نشرته صحيفة "العرب الأميركي" عام 2024، شهدت مبيعات "ستاربكس" في المدينة تراجعًا ملحوظًا، بالتزامن مع تنامي شعبية المقاهي اليمنية.
وتعكس آراء السكان هذا التوجه، حيث تقول عائشة ناصر، إحدى زبائن "قهوة هاوس": "المقاهي اليمنية تقدم شيئًا مختلفًا... قهوة تحمل حكاية من جبال اليمن إلى أكوابنا".
ويستعد المقهى اليمني للافتتاح بدلاً من "ستاربكس" ليشكل إضافة جديدة وهكذا، تكتب ديربورن فصلًا جديدًا في علاقتها مع القهوة، حيث لم تعد الهوية تُعرّف من خلال العلامات التجارية العالمية، بل من خلال العودة إلى الجذور بالقهوة اليمنية كتقليد عريق ومشروع تجاري مزدهر.
المقاطعة وخسائر ستاربكس
تعود جذور حملات المقاطعة إلى اتهامات موجهة ضد ستاربكس بدعم إسرائيل التي تشن حرب إبادة في غزة، وقد لقيت هذه الحملات دعمًا واسعًا من المستهلكين ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في المبيعات.
أكد براين نيكول الرئيس التنفيذي أن حملة المقاطعة التي واجهتها ستاربكس العام الماضي في منطقة الشرق الأوسط كان لها أثر كبير على حركة المبيعات وإيرادات الشركة. وأضاف -في مقابلة مع بلومبيرغ- "أن التأثير السلبي لحملات المقاطعة لم يقتصر على الشرق الأوسط فحسب بل امتد ليؤثر أيضا على الأعمال في الولايات المتحدة".
وكانت سلسلة المقاهي الأميركية قد كشفت عن تراجع مبيعاتها بنسبة 7% خلال الفترة بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، في ظل حملات المقاطعة.
وأصدرت ستاربكس بياناتها المالية للربع الأخير من العام 2024، حيث تراجعت أرباح الشركة إلى 909.3 ملايين دولار مقابل 1.21 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق، وانخفضت مبيعات ستاربكس في أميركا الشمالية والولايات المتحدة بنسبة 6%، وتراجعت المبيعات في الأسواق الدولية بنسبة 9%، أما في الصين فقد انخفضت المبيعات بنسبة 14%.
تُظهر الخسائر القياسية لستاربكس أن حملات المقاطعة الشعبية لم تعد مجرد ردة فعل عابرة، بل تحولت إلى أداة ضغط مؤثرة تمتد آثارها إلى كبرى الشركات متعددة الجنسيات، وفي ظل استمرار حرب الإبادة في غزة، تبدو التحديات أمام الشركة أكبر من أي وقت مضى.