دوافع استنفار عصابة الحوثي.. تصدّع داخلي ينذر بالسقوط
دوافع استنفار عصابة الحوثي.. تصدّع داخلي ينذر بالسقوط

صنعاء -
في أواخر يوليو الماضي أطلق زعيم عصابة الحوثي، عبدالملك الحوثي، تحذيراً مباشراً وغير معتاد من أي تحرك داخلي ضد مليشياته، ملوّحاً بقمعه بكل شدة. وجاء هذا التحذير كمؤشر واضح على حالة خوف داخل المليشيا، وبمثابة اعتراف ضمني بوجود تململ داخل مناطق سيطرتها.
ورغم ادعاء الحوثيين المتكرر بوجود دعم شعبي واسع لحكومتهم غير المعترف بها، إلا أن مستوى التشنج والتخوين الذي طغى على خطاباتهم الأخيرة يعكس حقيقة مغايرة تماماً، ويشير إلى تصدّع داخلي بدأ يأخذ أبعاداً خطيرة.
هجوم على القبائل وقيادات المؤتمر
خلال الأيام التالية للخطاب، انخرط كبار قادة الحوثيين في حملة ممنهجة من التهديد والتحريض، شارك فيها جلال الرويشان وسلطان السامعي ووزير الداخلية الحوثي عبدالكريم الحوثي، وصولاً إلى القيادات العسكرية مثل جميل زرعة، قائد المنطقة العسكرية السادسة التابعة للحوثيين.
وقد صعّدت المليشيا خطابها العدائي ضد أبرز الوجاهات القبلية، خصوصاً شيخ شايخ قبائل حاشد الشيخ حمير الأحمر ومشايخ من بكيل، بالتزامن مع منع فعالية للمؤتمر الشعبي العام في صنعاء، وإصدار أحكام بالإعدام بحق أحمد علي عبدالله صالح، في رسالة واضحة لباقي الأطراف بأنها لن تسمح بأي حراك سياسي مستقل داخل مناطق سيطرتها.
خوف من "العدو الداخلي"
في إطار هذه التصعيد، أعلنت ما تسمى “المنطقة العسكرية السادسة” الحوثية أنها رصدت ما وصفته بتحركات لخلايا داخلية في عدة محافظات تهدف لتفجير الأوضاع من الداخل، متوعدة بقمع أي حراك.
كما جاء عرض عسكري استفزازي أمام منزل الشيخ حمير الأحمر شيخ مشايخ حاشد منتصف أغسطس الجاري ليؤكد انتقال الحوثيين من التلويح إلى الفعل الاستفزازي المباشر.
وبلغت حملات الاعتقال مستوى غير مسبوق منذ ثلاثة أشهر، طالت تربويين وأكاديميين ونشطاء وحتى رجال أعمال، في محاولة استباقية لخنق أي مظاهر احتجاج مع اقتراب ذكرى ثورة 26 سبتمبر التي يتخوف الحوثيون من أن تتحول إلى شرارة غضب شعبي واسع.
تصدّع داخلي وخلافات معلنة
اللافت أن موجة الانتقادات والاتهامات لم تصدر فقط من خصوم الجماعة، بل من داخل جماعة الحوثي نفسها. شخصيات وقيادات حوثية سابقة مثل سلطان السامعي، ومحمد المقالح، وعبدالسلام جحاف، بدأت تتحدث صراحة عن فشل المشروع الحوثي وتفشي الفساد والمحسوبية داخل ما يسمى “الهيئة الإعلامية” و”اللجنة الثورية”.
وظهر سجال علني بين جحاف وأحمد الشامي ونصر الدين عامر – وهما من أشد قيادات الجماعة تطرفاً – بما كشف عن حالة احتقان وتنافس على النفوذ داخل أجنحة الجماعة الإعلامية والسياسية.
كما هاجم مدونون حوثيون بارزون، مثل حسين الأملحي، فارس أبوبارعة، أبو أصيل الصعدي، قادة الجماعة واتهموهم بالخطف والتنكيل حتى بأعضاء الجماعة وبالقيادات القادمة من صعدة نفسها.
تصاعد الغضب القبلي.. حتى من صعدة
رغم إحكام الحوثيين السيطرة الأمنية، شهدت عدة مناطق خاضعة لهم احتجاجات قبلية واسعة. في عمران، خرج موظفو مصنع الإسمنت، واندلعت احتجاجات قبائل أرحب وبني صريم وسفيان على خلفية عمليات خطف وقتل وإهانة تعرض لها مشايخهم.
وامتد الأمر إلى صعدة نفسها، حيث احتشدت قبائل آل سالم في ميدان السبعين بصنعاء للمطالبة بالإفراج عن عشرات المختطفين من أبنائها لدى جهاز الأمن والمخابرات الحوثي منذ سنوات، متحدّين القبضة الأمنية المشددة.
تداعيات إقليمية تضاعف الهواجس
يأتي هذا الاستنفار الحوثي بالتزامن مع تشقق واضح في محور إيران، خاصة بعد بدء مناقشات لبنانية داخلية حول نزع سلاح حزب الله، العمود الفقري للمحور الإيراني في المنطقة.
هذا التراجع الإقليمي يغذّي شعوراً داخل قيادة الحوثيين بأن “الغطاء الإقليمي” الذي وفر لهم الحماية والدعم السياسي والعسكري قد بدأ بالتآكل، وهو ما يسرّع من حالة الرعب والتوحش التي يتعاملون بها مع الداخل اليمني، باعتباره الخطر الحقيقي الذي قد يفجّر الجماعة من الداخل.
الخلاصة
وتشير المعطيات المتتالية إلى أن الخطر الذي يهدد عصابة الحوثي اليوم لم يعد خارجياً، بل داخلياً صرفاً، مرتبطاً بفشلها في إدارة الحكم، وانهيار شعبيتها حتى داخل بيئتها الاجتماعية، وانقسام أجنحتها بين صعدة وصنعاء، وبين السلالة الهاشمية والقبائل المتحوثة.
وتخشى المليشيا من اندلاع احتجاجات شعبية واسعة في ذكرى ثورة 26 سبتمبر بالتحديد، لما تحمله هذه المناسبة من رمزية مناقضة لمشروع الإمامة.كما أن تزايد الخطف والتجنيد وتفقّم البطش الأمني يؤكد أن الجماعة دخلت مرحلة استباقية في قمع الداخل، بما لا يُبقي إلا احتمال الانفجار شاقاً لكنه ممكن، وقد يكون لحظة سقوط مفاجئ تبدأ من الداخل لا من الخارج، وفق تقديرات مراقبين.
المصدر: يمن شباب