أخبار إيجاز

تقرير أممي: القاعدة في اليمن تتماسك بقيادة "العولقي".. وتعاون ميداني مع الحوثيين والمجاهدين الصوماليين

تقرير أممي: القاعدة في اليمن تتماسك بقيادة "العولقي".. وتعاون ميداني مع الحوثيين والمجاهدين الصوماليين

اليمن -

أظهر تقرير جديد، صادر عن لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي معنية بالتنظيمات الإرهابية؛ أن تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" عاد ليُظهر قدرة ملحوظة على التماسك وإعادة التنظيم، منذ تولى اليمني "سعد بن عاطف العولقي"، زمام التنظيم في مارس/ آذار 2024. كما أكد التقرير على وجود علاقة "انتهازية" بين القاعدة في اليمن وبين ميليشيات الحوثي الإرهابية، تجلت معظمها في تهريب ونقل طائرات مسيرة وأسلحة بين الطرفين، موردا أسماء أفراد من القاعدة قاموا بتهريب أسلحة للحوثيين برا وبحرا.

ورفعت لجنة مجلس الأمن العاملة بموجب القرارات 1267 (1999)، 1989 (2011)، 2015 (2015) بشأن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وتنظيم القاعدة، وما يرتبط بهما من أفراد وجماعات ومؤسسات وكيانات، تقريرها إلى مجلس الأمن الدولي بتاريخ 24 يوليو الماضي.

وأفرد التقرير، الذي يحمل رقم S/2025/482، فقرة خاصة بـ "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، مشيرا إلى أن زعيمه الجديد "سعد العولقي"، منذ تعيينه في مارس/ آذار 2024، أجرى تغييرات بنيوية في هيكل التنظيم، شملت تحسين ظروف المقاتلين، والحد من عمليات الاختراقات الأمنية، ما عزز من قبضته وسلطته داخل التنظيم.

واعتبرت الدول الأعضاء، في مجلس الأمن، أن "الجماعة أكثر تماسكا، وقدرة على الصمود، واستعدادًا للعمليات الخارجية"، كما جاء في التقرير، مضيفا: "وبالرغم من الأذى الذي لحق بها، نتيجة تعرضها لضربات استهدفت عناصرها من المستوى المتوسط؛ إلا أنها حافظت على قوام يتراوح بين 2,000 إلى 3,000 مقاتل"..

وأشار بعض الدول الأعضاء إلى أن العولقي "ربما يكون بصدد العمل تدريجيا على إعادة تحديد علاقة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، بالقيادة المركزية لتنظيم القاعدة.."


تحجيم "سيف العدل" واحتواء إرث "باطرفي"

ووفقًا للمعلومات التي ذكرها التقرير؛ يعمل العولقي على تقليص نفوذ القيادة المركزية لتنظيم القاعدة بقيادة سيف العدل المقيم في إيران، وسط حديث عن انقطاع الاتصالات المباشرة بين الطرفين. وساعده في هذا التحوّل القيادي المعروف "إبراهيم القوصي"، أو "خبيب السوداني"، الذي لعب دورًا أساسيًا في امتصاص حالة التململ التي سادت في أوساط التنظيم عقب وفاة الأمير السابق للتنظيم في اليمن "خالد باطرفي"، والذي أعلن التنظيم عن وفاته رسميًا في إصدار مرئي عام 2024. وجاء انتقال القيادة إلى العولقي كجزء من إعادة التماسك الداخلي للتنظيم في مرحلة ما بعد باطرفي.

من جانب آخر، لا يزال "إبراهيم البنا"، (المعروف بأبي أيمن المصري)، عنصرًا فاعلًا في المشهد التنظيمي، رغم عدم إدراجه رسميًا على قوائم العقوبات.

تقنيات جديدة.. طائرات مسيرة للهجوم والرقابة

سجّل التقرير أكثر من 30 هجومًا نُفذت خلال الشهور الماضية، كان معظمها في محافظتي أبين وشبوة. ولفت الانتباه إلى استخدام القاعدة لطائرات مسيّرة هجومية مسلحة قصيرة المدى. وفي يناير/ كانون الثاني، عُثر بحوزة مقاتلي التنظيم على أجهزة تشويش على الطائرات المسيرة، نجحت في إسقاط بعض المسيّرات الأمنية التابعة للحكومة.

كما يذكر التقرير أن التنظيم يستخدم أيضا طائرات مسيرة للمراقبة بهدف رصد قوات الأمن، على سبيل المثال في مديرية مودية بمحافظة أبين. وتشمل أهدافه في المدى الأطول العمل على برنامج داخلي أوسع نطاقا لصناعة المسيّرات، واكتساب القدرة على تصنيعها.

العلاقة مع الحوثيين 

ورغم الخطاب العدائي، العلني، المتبادل بين الحوثيين والقاعدة، إلا أن التقرير يُسلّط الضوء على علاقة ميدانية انتهازية بين الطرفين، تُسهلها ديناميات قبلية وجهات مُيّسرة. وأوردت إحدى الدول الأعضاء أسماء مهربين متورطين في تهريب ونقل طائرات مسيّرة وأسلحة بين الطرفين، أبرزهم أبو صالح العبيدي، الذي ينشط في نقل الأسلحة للحوثيين من المهرة إلى مأرب والجوف. إلى جانب شخص آخر يدعى أبو سلمان المصري، كان يدير شبكات التهريب البحري (يُعتقد أنها مموّلة من طرف القاعدة).

الارتباط مع "الشباب" الصومالية

لا يتوقف النفوذ العابر للحدود هنا، إذ وثّق التقرير استمرار الدعم المتبادل بين تنظيم القاعدة في اليمن وحركة الشباب المجاهدين في الصومال. ويحسب التقرير "أظهرت الحالة المالية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب تحسنا طفيفا. فقد واصلت الجماعة تلقي الدعم من حركة الشباب المجاهدين". وذكر أن التنظيم في اليمن استضاف مئات المقاتلين من حركة الشباب الصومالية لتدريبهم وتسليحهم، في سياق محاولة من الطرفين لفك الحصار المالي والميداني.

كما يشير التقرير إلى أن القاعدة في اليمن دعت علنًا حركة الشباب إلى تكرار تجربة "طالبان" في أفغانستان (ما يعكس حجم الانسجام الإيديولوجي والعقائدي بين الطرفين، رغم تباين البيئات القتالية).

ظهور "العولقي" الأول

في أبريل/ نيسان الماضي، أطلق التنظيم سلسلة دعائية بعنوان "الطريق إلى تحرير فلسطين"، ربط فيها بين قضيته والحرب الجارية في غزة. وفي يونيو/ حزيران، ظهر العولقي في أول فيديو علني له بصفته أميرًا للتنظيم، دعا فيه إلى شنّ هجمات ضد المصالح الغربية.

وفي هذا السياق، أفادت بعض الدول الأعضاء، بتطوير القاعدة تطبيقًا سريًا للاتصالات الداخلية المشفّرة- ما يُعد نقلة رقمية نوعية تعزز من سرية العمليات وخفض الاختراقات.

داعش – اليمن: نفوذ محدود 

على الطرف الآخر، لا يزال فرع "داعش" في اليمن محدود التأثير بشدة، إذ لا يتجاوز عدد مقاتليه 100 عنصر، يتمركز معظمهم في مأرب. بحسب ما ذكر التقرير، والذي أشار أيضا إلى أنه "بالرغم من افتقار تنظيم داعش- اليمن، إلى القوة التنظيمية، فقد شارك في جهود التجنيد والتيسير التي جرت بالتنسيق مع الجماعات المنتسبة إلى تنظيم داعش". ويفتقر داعش في اليمن إلى هيكل قتالي أو تمويل مستقر.

خلاصة المشهد

تكشف المعطيات الأممية أن القاعدة في اليمن ما تزال الطرف الأخطر في ساحة الجهاد العالمي، لاسيما مع قيادته الجديدة، التي فرضت إجراءات أمنية مشددة، ونسجت علاقات انتهازية مع الحوثيين في تهريب الأسلحة، وعلاقات مالية وتدريب مع حركة الشباب الصومالية، في حين يظهر داعش كتنظيم بلا أنياب حقيقية في الوقت الراهن.

وفي حين كشف التقرير عن مساعي أمير التنظيم الجديد في اليمن للعمل تدريجيا على إعادة تحديد علاقة القاعدة في جزيرة العرب بالقيادة المركزية للتنظيم، فقد حذر من استمرار استخدام الأراضي اليمنية كمساحة مفتوحة للربط بين الجماعات المتطرفة، سواء عبر شبكات التهريب، أو استضافة وتدريب مقاتلين أجانب، في ظل فراغ أمني يتسع يومًا بعد آخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى