أخبار إيجاز

نصف مليار دولار سنويًا.. كيف حول الحوثيون قطاع الاتصالات إلى خزينة حرب؟

نصف مليار دولار سنويًا.. كيف حول الحوثيون قطاع الاتصالات إلى خزينة حرب؟

اليمن -

أظهر تقرير حديث ضمن سلسلة "الاقتصاد الموازي" أن ميليشيا الحوثي حوّلت قطاع الاتصالات في اليمن إلى واحد من أكبر منابع تمويلها، مستغلةً سيطرتها الكاملة عليه لجني ما يقارب نصف مليار دولار سنويًا، وبإجمالي يتجاوز 5 مليارات دولار منذ انقلابها على الدولة في أواخر العام 2014.

ويُعد قطاع الاتصالات من أكثر القطاعات حيوية وربحية في اليمن، حيث يسهم بنحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي، غير أن الجماعة، ومنذ سيطرتها على العاصمة صنعاء، أحكمت قبضتها على هذا القطاع الاستراتيجي، وجعلته مصدر تمويل رئيسي لحربها المستمرة ضد اليمنيين، ووسيلة لإثراء شبكاتها المالية وقياداتها، بينما يعاني المواطنون في مناطق سيطرتها من انهيار الخدمات وانقطاع الرواتب.

وحسب التقرير، فإنه ومنذ الانقلاب، استولت الميليشيا على إيرادات خدمات الإنترنت والاتصالات الصوتية والرسائل النصية، بما في ذلك مبيعات كروت الشحن، والفواتير، والضرائب المفروضة على شركات القطاع، سواء الحكومية مثل "يمن موبايل" أو الخاصة مثل "سبأفون" و"واي" و"إم تي إن" (الاسم السابق لشركة يو).

كما سيطرت على أصول وأرصدة تلك الشركات، إلى جانب الاستحواذ على البوابة الدولية للإنترنت ومحطات البث وأبراج الاتصالات، بما منحها تحكمًا كاملاً في تدفق البيانات وحركة الاتصالات داخل البلاد.

وتشير التقديرات إلى أن مبيعات خدمات الإنترنت وحدها تدر على الحوثيين أكثر من 240 مليون دولار سنويًا، في ظل تحكمهم الكامل في البنية التحتية لخدمة البيانات، دون أي تحسين في جودتها أو كفاءة التغطية.

أما خدمات الاتصالات الأخرى من مكالمات ورسائل، فتشكل مصدر دخل إضافي يتراوح بين 180 إلى 220 مليون دولار سنويًا، في وقت لا تزال فيه أسعار الخدمة مرتفعة مقارنة بمستواها الرديء.

إلى جانب ذلك، تحقق ميليشيا الحوثي أرباحًا ضخمة من أرباح شركات الاتصالات، إذ كشفت البيانات المالية لشركة "يمن موبايل" عن تحقيق إيرادات تفوق 100 مليون دولار في عام 2021 وحده، ذهب معظمها إلى خزائن الجماعة.

كما تفرض الميليشيا إتاوات ورسومًا غير قانونية على شركات القطاع تحت مسميات متعددة، منها "المجهود الحربي"، إلى جانب الضرائب الرسمية التي حولتها إلى أدوات جباية تمول بها أنشطتها العسكرية والأمنية.

وقد بلغت الأموال التي دفعتها شركة "يمن موبايل" وحدها للحوثيين خلال عام 2021 نحو 83.9 مليار ريال، توزعت بين الزكاة والضرائب ورسوم التراخيص، فضلًا عن فروقات أسعار الصرف وخدمات مالية أخرى، وهو رقم يعكس حجم الاستنزاف المالي الذي يتعرض له القطاع.

ولم تكتفِ الجماعة بذلك، بل وسّعت نفوذها إلى شركات الإنترنت المحلية وموزعي الخدمة، من خلال فرض رسوم تراخيص وجبايات شهرية وفصلية، بما يحوّل بيئة العمل في هذا القطاع إلى شبكة مغلقة يديرها الحوثيون لصالح بقائهم وتمويل آلة الحرب.

في المقابل، يواصل المواطن اليمني، الذي أصبح الإنترنت والاتصال جزءًا من حياته اليومية، دفع فاتورة هذا الاستغلال، في ظل غياب الرقابة وحرمان الملايين من خدمات مستقرة أو أسعار عادلة، بينما تُستخدم الأموال المحصّلة لتمويل الحرب لا لتطوير القطاع أو تحسين البنية التحتية.

وأكد التقرير أن ما يجري في قطاع الاتصالات ليس مجرد فساد مالي؛ بل نموذجًا حيًا لاقتصاد موازٍ تديره ميليشيا خارج إطار الدولة، حولت من خلاله أحد أكثر القطاعات الاستراتيجية إلى ذراع تمويل أمني وعسكري، بعيدًا عن أي شفافية أو مساءلة، وفقا لصحيفة الثورة الرسمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى