صحيفة تركية: الحوثيون يتحدون الاستقرار الإقليمي باستراتيجية إيرانية هجينة
صحيفة تركية: الحوثيون يتحدون الاستقرار الإقليمي باستراتيجية إيرانية هجينة

اليمن-
قالت صحيفة "ديلي صباح" التركية في تحليل لها، إن الحوثيين يتحدون الاستقرار الإقليمي باستراتيجية مرتبطة بإيران، حيث اعتبرت أن تعطيل حركة الملاحة البحرية التجارية عبر البحر الأحمر ليس مجرد عمل عدواني، بل هو أيضًا وسيلة لممارسة ضغط اقتصادي ودبلوماسي على الخصوم.
ورأى كاتب التحليل "أورال توغا" أن صعود حركة الحوثيين يأتي عند تقاطع استراتيجية إيران الإقليمية بالوكالة مع البنية الأمنية الخليجية التي شكلتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وبالتالي فإن الحوثيين هم نتاج ديناميكيات اجتماعية وسياسية محلية واستغلال جيوسياسي خارجي.
فهم ليسوا مستقلين تمامًا، ولا يخضعون لتوجيه كامل من قوى خارجية، بل يمثلون كيانًا سياسيًا هجينًا تتشكل ملامحه من مزيج من الضرورات الداخلية والتشابكات الإقليمية.
وبحسب التحليل، تُقدّم إيران دعمًا عسكريًا مباشرًا للحوثيين، فمنذ عام 2015، عكس ظهور صواريخ بركان-1 الباليستية، وصواريخ قدس الكروز، وطائرات "صماد" المُسيّرة في ترسانات الحوثيين روابط تكنولوجية واضحة مع الأنظمة الإيرانية.
كما أن استخدام هذه الأسلحة لم يقتصر على سياق الحرب الأهلية في اليمن، بل استُخدمت أيضًا في هجمات بعيدة المدى على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وكذلك في العمليات البحرية في البحر الأحمر.
وأشار الكاتب إلى أن دافع إيران في تمكين هذه القدرة يكمن في سعيها إلى ممارسة ضغط مستدام على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، وفرض تكاليف أكبر على البنية الأمنية الخليجية.
وفي هذا السياق، ما يميز العلاقة بين إيران والحوثيين – وفق كاتب التحليل – هو الاستغلال المتبادل، حيث لا ترى إيران الحوثيين مجرد قوة بالوكالة، بل كنقطة ارتكاز استراتيجية لنشر سردية "محور المقاومة" في شبه الجزيرة العربية.
في المقابل، لا يعتبر الحوثيون إيران مصدر دعم مادي فحسب، بل أيضًا مرجعًا يستمدون منه شرعيتهم في مواجهة النظام العالمي.
ويقول الكاتب إن هجمات الحوثيين المباشرة على إسرائيل والولايات المتحدة بعد عام 2023 مثلت تحوّلًا كبيرًا، إذ لم تُرسّخ مكانة الحركة كفاعل محلي في اليمن فحسب، بل كقوة فاعلة في الأطر الأمنية الإقليمية والعالمية.
ورغم أن هذه الهجمات غالبًا ما تُفسّر من منظور التطرف الأيديولوجي أو النفوذ الإيراني، إلا أنه من الأدق فهمها كجزء من حسابات الحوثيين الاستراتيجية متعددة الأبعاد.
كما أنه، وبحسب الكاتب، لا يمكن تفسير الهجمات على إسرائيل بدوافع دينية أو أخلاقية فحسب، ففي أعقاب حرب غزة التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أطلق الحوثيون صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة باتجاه أهداف إسرائيلية.
وقد خدمت هذه الإجراءات هدفين: تعزيز مكانة الحوثيين ضمن ما يُسمى بمحور المقاومة، وتعزيز شرعيتهم لدى الرأي العام العربي. ومن خلال هذه العمليات، سعت الحركة ليس فقط إلى إظهار التضامن مع الفلسطينيين، بل أيضًا إلى تصوير نفسها على أنها الطرف العربي الوحيد القادر على القيام بعمل عسكري فعال.
إلى جانب ذلك، فإن من أهم وظائف هذه الهجمات إظهار قدرة الحوثيين على استخدام أدوات الحرب غير المتكافئة كأدوات تفاوض في المفاوضات الاستراتيجية الإقليمية، إذ إن تعطيل حركة الملاحة البحرية التجارية عبر البحر الأحمر ليس مجرد عمل عدواني، بل هو أيضًا وسيلة لممارسة ضغط اقتصادي ودبلوماسي على الخصوم.
غير أن هذه الاستراتيجية تكشف أيضًا عن حدودها، فإعلان إسرائيل استهدافها المباشر لكبار قادة الحوثيين، والغارات الجوية الأمريكية واسعة النطاق على البنية التحتية للحوثيين، وتشكيل تحالفات بحرية دولية، كلها عوامل بدأت تُضيّق على قدرة الحوثيين على المناورة.
ويختتم أورال توغا تحليله بالتحذير من أن "الجماعة الحوثية باتت اليوم تتجاوز حدود السياسة اليمنية المحلية لتصبح كيانًا هجينًا ذا سمات دولة. إنها باتت لا تتحدى الوضع الراهن في اليمن فحسب، بل تتحدى أيضًا النظام الإقليمي ككل".